الفائز والمهزوم.. في مباريات الزواج
أصبحت آليات ومفاوضات وطقوس الزواج في مصر الآن , تتم بقدر كبير من الضغوط والمشكلات النفسية والعصبية والمالية والاجتماعية , مما جعلها تبدو وكأنها مباريات بين فريق العريس الزوج من ناحية , وفريق العروس الزوجة من الناحية الأخري , وتفترض ثقافة التزويج هذه الأيام , أن تنتهي نتيجتها عادة بهزيمة فريق , وتفوق أو انتصار الفريق الآخر , لكل ذلك وترتيبا عليه , تبدأ حياة هذه الأسر الجديدة , بالكثير من المرارات والذكريات السيئة والمنغصات والأحاسيس الدفينة بالقهر والانكسار والعجز وقلة الحيلة , ومع مضي الوقت وحتي يحين موعد الزفاف , تظل الأحداث غير السعيدة التي جرت ما بين الفريقين المتناحرين ـ أثناء فترة التفاوض ـ هي الهاجس الدائم الذي يطارد عيون وقلوب الفريق المهزوم , والذي لا يجد في أغلب الأحيان سوي الانصياع لمطالب الفريق الآخر , علي أن يظل ما في القلب في القلب , حيث تميل غالبية الأسر الآن إلي ممارسة كل صنوف الضغط والتسلط وفرض إرادتها عند تزويج أبنائها وذلك انطلاقا من الدوافع والنوازع السارية الآن فيما بينها , والتي تغذيها الرغبات الجارفة في التقليد والادعاء والمحاكاة والمبالغة والتطلع للانسلاخ من ماضيها , ومن ثم الرغبات المجنونة لاظهار الندية والأرستقراطية علي خلاف الحقيقة في معظم الأحوال!!
وفي يوم الزفاف الذي أصبح الآن لا يتم عادة إلا في صالات وقاعات الفنادق الفاخرة ، أو في دور المناسبات المختلفة تأكيدا للرغبة في تقليد الأسر الغنية على أقل تقدير والذي كان يتم فيما مضى عادة في المنازل أو على الأسطح أو في الشارع ، تبدو أسرة العروس أو العريس الفريق الفائز في قمة نشوتها وزهوها بالإنجاز الضخم الذي حققته في المفاوضات العويصة لما قبل الزفاف ، وبالنهاية السعيدة التي بلغتها , بإتمام المفاوضات الشاقة لصالحها, وكذا بنجاحها في إعداد وتجهيز منزل الزوجية وغالبا ما يكون ذلك بممارسة كافة أشكال الضغط والقهر , بينما تنزوي أسرة الفريق المهزوم , وقد أخذ منها الإرهاق المادي والمعنوي كل ما أخذ , فما باليد أي حيلة , وليس في الإمكان أحسن مما كان , وهكذا تمضي طقوس العرس التقليدية المكررة المملة علي جميع الحاضرين حتي يحين موعد الانصراف , عندها يكون الاجهاد قد أخذ من الجميع كل ما أخذ , خاصة بعد هستيريا الرقص وتمايل الأجساد , التي أصبحت لا تفرق بين كبير وصغير , ويمارسها الجميع بكل أسف للتعبير المشوش عن السعادة والفرحة , وذلك علي انغام الآلة الجهنمية المزعجة والمعروفة الآن بالدي جي والتي تصب في الأذان المجهدة , سيلا منهمرا من الأغنيات الهابطة الساقطة , والتي ينتظرها بلهفة وترقب شديدين المهوسون من غالبية الحاضرين كبيرهم وصغيرهم سواء بسواء.
ولأن المقدمات غير الصحيحة لا تأتي أبدا إلا بنهايات غير صحيحة أو غير سعيدة ، لذلك أدعوكم لتأمل أرقام وتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في شأن مرتبط بما سبق ، أو بمعنى أدق مفسرا له إلي حد كبير, حيث تشير تقديرات الجهاز , الي تنامي ظاهرة الطلاق المبكر في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ وخطير أيضا , ففي عام 2007 أوضحت بيانات الجهاز , تركز الجزء الأكبر من حالات الطلاق لكافة المستويات التعليمية للمطلقين والمطلقات معا , في الفئة العمرية 20 إلى 30 سنة , وإذا أخذنا في الاعتبار أن اعمار الأزواج والزوجات الحالية الشائعة , لا تبدأ إلا في هذا العمر تقريبا , فإن ذلك يشير بوضوح , إلي أن معظم حالات الطلاق بين الزيجات الحديثة الآن , إنما تبدأ عقب الزواج مباشرة !!!! كما توصلت تقديرات الجهاز أيضا , إلي أن مدة الحياة الزوجية في الأسر الجديدة حديثة الزواج لاتزيد علي نحو سنة واحدة أو سنتين علي أكثر تقدير!!.
وفي هذا السياق يمكنني الاجتهاد في تفسير هذه الظاهرة الخطيرة المقلقة وذلك استنادا إلى الأسباب الآتية:
أولا: شيوع الطموحات الأسرية المبالغ فيها خاصة في تلك الأسر المنتمية للطبقة الوسطى وكذلك للطبقة تحت الوسطى التي أنهكتها الرغبة في التقليد والتمثيل والادعاء كذبا وبهتانا بالمكانة الاجتماعية المرموقة وشغفا في التعلق باهداب وأوهام الارتقاء الاجتماعي بأي وسيلة وبأي تكلفة ، والاستماتة في تقليد الأسر الغنية بشكل هستيري.
ثانيا: اعتقادي في عدم -او فلنقل تحفظا- في قلة أو محدودية نضج وخبرة الأبناء والبنات حاليا في تعاملهم مع قضية الزواج أولا والطلاق ثانيا بعدم تقدير واستخفاف شديدين ، حيث لا يختلف عندهم مشروع الزواج أو الطلاق عن الشروع في شراء ملابس جديدة وحسب الموضة السائدة ، أو الذهاب إلى تناول إحدى وجبات التيك آواي ، ومما لا شك فيه أن الأسر المصرية مسئولة عن ذلك إلى حد كبير ، إذ يبدو الأمر وكأن معظم أرباب تلك الأسر نفسها يحتاجون في الواقع للتربية من جديد.
ثالثا: اختلاف الثقافة التي كانت الأم المصرية تحرص بشدة على غرسها في عقول وقلوب أبنائها وبناتها عند الزواج الآن بالمقارنة بما مضى ، حيث كانت تلك الأم الحصيفة وقتها ، تحض أبناءها وبناتها على ضرورة إنجاح زيجاتها ، والحرص الدائم علي استمرارها, والمحافظة عليها وهو عكس ما يحدث الآن في الواقع إلي حد كبير , حيث يعتبر قطاع لا يستهان به من آباء وأمهات اليوم , ان مشروع التزويج في حد ذاته , لايزيد عن كونه مجرد مشروع تجاري أو استثماري , وفي ظل هذا الوضع المؤلم الذي يغلف واقع ومستقبل ابنائنا وبناتنا , لا مفر من التنبيه والتحذير , خاصة مع علمنا الأكيد بأن الله لايغير ما بقوم , حتي يغيروا ما بأنفسهم.
المحرر: تلقيت هذه الرسالة من الدكتور حسام بربري أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الأزهر ، وهي تكشف واقع الزواج في مصر الآن بعد تزايد حالات الطلاق بشكل مخيف.. وأحسب أن هذه القضية في حاجة إلي مزيد من البحث والدراسة للوقوف علي أسبابها واتخاذ التدابير الكفيلة بعلاجها.. فأهلا بآرائكم واقتراحاتكم.
بريد الأهرام العدد 44791 السبت 3 شعبان 1430 - 25 يوليو 2009
الرابط
قصة مثال على ذلك من جريدة الأهرام (لكن والله الشاب كان رجلا بحق ورفض الإذعان)
قصة مثال على ذلك من جريدة الأهرام (لكن والله الشاب كان رجلا بحق ورفض الإذعان)
الأثنين 15 من رمضان 1432 هـ 15 اغسطس 2011 السنة 136 العدد 45542
زواج فالصو
اعتدت أن أولي هذه السطور لمتابعة ما يحدث في الميدان المصري من أحداث ومشاركتكم الآراء من خلال تعليقاتكم التي تظهر تفاعلاتكم مع الأحداث ورؤيتكم لها..
لكنني في هذا المقال سأبتعد قليلا عن الأحداث الميدانية ، إلا أنني لن أحيد عن مشاكلنا نحن المصريين.. فالقضية التي سأتناولها لن تقل في أهميتها عن ما يحدث في الميدان.. فهي قضية مستقبل أولادنا وبناتنا ، هي قضية كل شاب مصري للأسف يعيش في مصر أو يعيش في الخارج ويرغب في الزواج بمصرية.
لماذا سأسلط الضوء على هذا الموضوع بالتحديد؟ لأنني بصراحة مررت في الأيام القليلة الماضية بمشكلة مع أخي الذي كان على وشك إتمام زواجه في إجازة العيد المقبلة وكان قد قام بجميع الترتيبات لذلك.. إلا أن القدر أشاء غير ذلك ، فلم يمهله فرحته ، ولأن معدنه نفيس ، وليس لأنه أخي أقول ذلك، فكل من حوله من أصدقاء وأقارب يرونه كذلك.. فقد كشف له الرحمن معدن من سيرتبط بهم من جشع وطمع، فالموضوع توقف على الشبكة ، فالعريس حدد مبلغا من المال لها وقد اختارت العروس الشبكة التي أعجبتها دون تدخل من أحد ، والشبكة لم تتجاوز المبلغ المحدد بل نقصت بضع مئات من الجنيهات ، فلم يعجب ذلك والدة العروس ، فقررت أن تضيف على الشبكة غرضا أخر تجاوز المبلغ بمراحل، وقالت الأم: "إذا لم تشتري ذلك سوف ألغي الزيجة بأكملها ، فهذا هو شرع الله"، فعرف العريس وقتها أن الزيجة مجرد بيعة وشروة واختلفا وخرجا وأظهر كل معدنه! وأي شرع تتحدث عنه هذه الأم الذي يتحدث عن الماديات ، فشرع الله هو أن يراعي الرجل زوجته في أن يحسن ومعاملتها وأن يتخذها زوجا وأما وصديقة وحبيبة ، أي شرع هذا الذي يقاس بالاعتبارات المادية البحتة ، ما بني على خطأ فهو خطأ أيضا!
وحتى لا أخوض في تفاصيل جسام ، فهذه كانت القشة التي قسمت ظهر البعير.. بصراحة أصبحت تلك هي مشكلة يعيشها شاب مصري الآن يقبل على الزواج ، وهي مشكلة كل زميل وصديق وقريب لي في مصر وخارج مصر إن أراد الزواج بمصرية.. للأسف الزواج أصبح صفقة مرفوضة من كل من يفهم ويقدم عليه ، لذلك يعزف ويحجم معظم الشباب عن الزواج حاليا.
لا أعرف لماذا يفعل هؤلاء الأهالي ببناتهن ، ومن أين أتين بهذه المفاهيم المغلوطة ، ولهذا البنات أصبحت "معنسة" ، فطالما الآباء يغرسون مثل هذه المعتقدات الخاطئة ، فلينعموا ببناتهن مدى الحياة إلى جانبهم وليظلوا في عنوسة أبدية مادامت هذه هي المفاهيم ، ما أفهمه هو أن الزواج هو شركة العمر.. عرفت من بعض الأصدقاء والزملاء في العمل أنهم يدخلون في زيجات تتوقف تماما ويختلفوا فيها حول شبكة أو ثلاجة أو بوتاجاز أو "قايمة" ، إذن هو زواج باطل و"فالصو" في الأول وفي الآخر.. وإذا كانت الزيجة ستفشل في هذه الأحوال ، إذن ، أين التعاهد على الحلو والمر، وفي الصحة وفي المرض.. هذه هي المبادئ والمفاهيم والاعتبارات التي ينبغي وأن تبدأ الحياة عليها ، وإذا كان الأهل لا يفقهون ، إذن علينا بإعادة غرس هذه المبادئ لديهم قبل بناتهن ، لأن فاقد الشئ لا يعطيه.. وإلا عليه العوض في جميع بناتنا ومستقبل الأجيال القادمة
لماذا سأسلط الضوء على هذا الموضوع بالتحديد؟ لأنني بصراحة مررت في الأيام القليلة الماضية بمشكلة مع أخي الذي كان على وشك إتمام زواجه في إجازة العيد المقبلة وكان قد قام بجميع الترتيبات لذلك.. إلا أن القدر أشاء غير ذلك ، فلم يمهله فرحته ، ولأن معدنه نفيس ، وليس لأنه أخي أقول ذلك، فكل من حوله من أصدقاء وأقارب يرونه كذلك.. فقد كشف له الرحمن معدن من سيرتبط بهم من جشع وطمع، فالموضوع توقف على الشبكة ، فالعريس حدد مبلغا من المال لها وقد اختارت العروس الشبكة التي أعجبتها دون تدخل من أحد ، والشبكة لم تتجاوز المبلغ المحدد بل نقصت بضع مئات من الجنيهات ، فلم يعجب ذلك والدة العروس ، فقررت أن تضيف على الشبكة غرضا أخر تجاوز المبلغ بمراحل، وقالت الأم: "إذا لم تشتري ذلك سوف ألغي الزيجة بأكملها ، فهذا هو شرع الله"، فعرف العريس وقتها أن الزيجة مجرد بيعة وشروة واختلفا وخرجا وأظهر كل معدنه! وأي شرع تتحدث عنه هذه الأم الذي يتحدث عن الماديات ، فشرع الله هو أن يراعي الرجل زوجته في أن يحسن ومعاملتها وأن يتخذها زوجا وأما وصديقة وحبيبة ، أي شرع هذا الذي يقاس بالاعتبارات المادية البحتة ، ما بني على خطأ فهو خطأ أيضا!
وحتى لا أخوض في تفاصيل جسام ، فهذه كانت القشة التي قسمت ظهر البعير.. بصراحة أصبحت تلك هي مشكلة يعيشها شاب مصري الآن يقبل على الزواج ، وهي مشكلة كل زميل وصديق وقريب لي في مصر وخارج مصر إن أراد الزواج بمصرية.. للأسف الزواج أصبح صفقة مرفوضة من كل من يفهم ويقدم عليه ، لذلك يعزف ويحجم معظم الشباب عن الزواج حاليا.
لا أعرف لماذا يفعل هؤلاء الأهالي ببناتهن ، ومن أين أتين بهذه المفاهيم المغلوطة ، ولهذا البنات أصبحت "معنسة" ، فطالما الآباء يغرسون مثل هذه المعتقدات الخاطئة ، فلينعموا ببناتهن مدى الحياة إلى جانبهم وليظلوا في عنوسة أبدية مادامت هذه هي المفاهيم ، ما أفهمه هو أن الزواج هو شركة العمر.. عرفت من بعض الأصدقاء والزملاء في العمل أنهم يدخلون في زيجات تتوقف تماما ويختلفوا فيها حول شبكة أو ثلاجة أو بوتاجاز أو "قايمة" ، إذن هو زواج باطل و"فالصو" في الأول وفي الآخر.. وإذا كانت الزيجة ستفشل في هذه الأحوال ، إذن ، أين التعاهد على الحلو والمر، وفي الصحة وفي المرض.. هذه هي المبادئ والمفاهيم والاعتبارات التي ينبغي وأن تبدأ الحياة عليها ، وإذا كان الأهل لا يفقهون ، إذن علينا بإعادة غرس هذه المبادئ لديهم قبل بناتهن ، لأن فاقد الشئ لا يعطيه.. وإلا عليه العوض في جميع بناتنا ومستقبل الأجيال القادمة
هناك تعليق واحد:
في تفسير لماذا يتلذذ والد العروس بفرض الشروط والتحكم في العريس: التنفيس عن عقد النقص الناتجة عن كونه دائماً محكوماً ودائما طالباً يقف ذليلاً يسأل شيئاً ، وفجأة وجد نفسه صار في الوضع العكسي وهناك من يطلب منه شيئاً لأول -وربما لآخر مرة- فوجدها فرصة نادرة !!!!!
إرسال تعليق